جبرانيات

جبرانيات

الثلاثاء، 2 فبراير 2016

عبرة من قصة ..




    هل تحب من تكره ؟؟

 في ثنايا صفحات الأنترنيت استوقفني في احدى المدونات قصة احدى النسوة تعاني من مشاكل زوجية تسال قريبا لها " كيف احب من اكرهه ؟" .
 فعاد الى ذهني السؤال الذي كان قد طُرح علي في فترة الصيف المنصرم من صديقاً أكنُّ له كل الودّ والمحبة . 
 ففي شُرفة صديقي هذا وفي مساء كل يوم مشمس من صيف سويدي جميل وهواء عليل لم نعهده منذ سنوات ، نجلس متنعمين بمناظر الطبيعة الخلابة نحتسي القهوة ونتبادل اطراف الحديث ، فتارةً ندردش بهدوء وتارةٌ اخرى يعلو صوتنا في نقاش حاد  في احد امور الحياة على اختلافها ، وفي احدى تلك الأُمسيات ومن خلال حديثنا عن العلاقات الأجتماعية فاجأني صاحبي بسؤال . ( هل من الممكن ان تحب من تكره ؟؟ ) .

لم اجب للوهلة الأولى خوفاً من السقوط في فخ السؤال كما ظننته !
فأجبت بعد برهة باقتضاب وبدون جزم ، " لا اعرف ... ممكن "

فقال: حسنا طالما لاجواب لديك فاستمع لهذه القصة .
قلت مازحاً : حسنا كُلي أذان صاغية .

بدأ صاحبي مسترسلا بسرد قصته وانا اصغي بكل انتباه كي استخلص منها كيف لي ان احب من اكره ..؟
مختصر القصة ومفيدها ان زوجان في أول ايام ارتباطهما تردد بينهما الكره ، وحدث ان القى على بعضهما بعض الكلمات السلبية والتي تسبب جروح والم  ، وبالتالي كان يتولد بينهما غضب ، والغضب بطبيعته يتحول الى كره .
ادرك الزوجان اللّذان كانا قد انجبا طفلان جميلان ،كانا باكورة حياتهما التي اصبحت لا تُطاق و إن ابواب الجحيم باتت مفتوحة امام هذان الطفلان إذ ما استمرت حياتهما على هذا المنوال .
 ففكرا في كيفية تخطي ذلك وأدركا بانهما إن مشيا بخط الأوامر والإهانات سيدمران ما بينهما .
فتعلما على مدار عام كامل كيف يناقشان خلافاتهما دون مساس احدهما بكرامة الآخر ، وتعلما كيف يتخذان القرارت سوياً دون التفريط بوحدتهم ومشاركة بعضهم البعض .
 كما وتعلما كيف يعطيان اقتراحات  بناءة بدلاً من الإهانات المثبطة ، وايضا كيف يتقن كل منهما حب الآخر .
والمدهش ان قرارهم بان حياتهم لا بد ان تستمر اتخذاه في اجواء سلبية مليئه بالمشاكل والخلافات ، ولكن بعد أن اتفقا على كيفية اتقان كل منهما حب الآخر ، تلاشت السلبيات فيما بينهما الى حد كبير .
وهكذا استطاعا كلاهما والطفلان ان يخرجا من الاجواء الملتهبة الى اجواء اكثر هدوء وسكينة ، وتدريجيا انقلبت الكراهية الى حب ..!!

وبعد أن انتهى صاحبي من سرد قصته ، سالني وهو منتشيا كانه هو بطل القصة .
 هل تصدق ان الزوجان يعيشان حالياً أجمل ايام حياتهما وان حياتهما تملئها المودة والوفاء والإحترام ؟؟
أجبت : نعم .. ولما لا،  طالما هناك إرادة قوية لأيجاد بدائل لبناء اسرة متماسكة عوضاً عن اتخاذ قرارات هدامة .
قال صحبي : اذا الآن اصبحت الإجابة سهلة . 
 فقلت : بالطبع .. نعم بعد ان نستمع لتجارب الآخرين نستطيع ان نجزم إجاباتنا كوننا لم نخض ضمار مثل هذه التجربة .

 على فكرة ، الزوجان اعترفا لاحقاً بانهما حين اتخذا قرارهما بإعادة النظر بطبيعة علاقتهما وبدون ان يعرف اي طرف ما بدواخل الآخر بانهما لا بد ان يترجما مقولة الرب ( احبوا اعدائكم ) الى واقع .
وقد نجحا فعلا في ترجمتها الى واقع كان له الأثر البالغ في بناء اسرة جديدة عكست ارادة الزوجين .
 فإن كان الرب قد اوصانا بحب اعدائنا فما الذي يمنعنا من حب من هم ازواجنا أو زوجاتنا ، او آباؤنا او امهاتنا او اخوتنا واخواتنا ، وحتى أقاربنا واصدقائنا ؟؟
 فهل حاولت ان تحب من تكره ؟؟
وهل تستطيع ان تحب من تكره ؟؟
 انها محاولة ليس إلا...!! 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق