جبرانيات

جبرانيات

الأربعاء، 26 يناير 2022

مملكة الحجيم

   
        مملكة الجحيم 


أُسطورةً كُنّا
بِخَلقٍ عظيمْ
واليوم غَدَونا
مَملكة للجَّحيم

في بؤرة الطَّمْيُ
  عالقون
في سُيولها
غارِقون

بين ازقَّتها أجسادٌ تَتبَعثَرْ
وعلى منصاتها اسيادٌ تتَبخْترْ
الطفولة في مهدها
تَنتحِر
والكُهولة فوق لحدها
تَحتَضِرْ 
وعلى أرضها ما من
كائن  مُسْتَقِر

في دُجى ظُلمتها
أعناقٌ بِلا قِبلة تُنْحَرْ
وفي شروقها
أجساد ٌ تُحْشَرْ
بين الحشد والعسكر

بعد أن كنا للعالم مناراً
  اصبحنا بين الأمم
أسوء أمة
تُذكر
ومن علومها الجهل
يسخر

على دروبِ الهلاكْ
مسيراتٌ تكررتْ
من قنص جلاديها
ثوراتها تبددت
وعلى اسوارها
سلاطين العالم اجتمعت
والشياطينٌ على ارضها
تسيّدَت

أُقيمت حفلات شواءْ
من أجساد الملائكة
حتى تسامت روائح الذبائح
عنان السماء

هانت أرواحهم
استخدموا بدل السلاح
أجسادهم
سالت دمائهم
فارتوت سنابلهم

إمتلأت الدنيا غيثا
من دموع
الأيتام
حتى بكت الأجنة
في الأرحام
فما مالت لها عمامة
ولا تنحى إمام
بل زادت فتاويهم
وراق لها المقام 

بعد أن روّجوا للطائفية
بحقارة
صُمَّتْ آذانهم 
من نواح الثكالى
واصابهم العمى من
خيانة الحُثالى
ومارسوا العهر
حتى الثمالة 
فكانوا للعمالة اشارة
وللفتنة إثارة 

على جثثنا
نُصِبَت مِنصّات
الأعدامْ
ومن جَماجِمنا شُيّدت
قصوراً للأصنامْ

رويت  الأرض من رياء
الأوغاد
حتى عبثوا بتاريخ
الأجداد
وتفننوا بتزويق الفساد
فخارت قوى العالم
أمام جموح المُسوخ
وامتلأت الأرض جورا
من ظلم الأنداد
ومن خلف الحدود
غزت الفارسية
حرف الضادْ
فعاثت بارض الرافدين فسادْ
إنتقاماً من القادسية
وبأس جندها الأمجاد

انتحرت الحرية
على حدود القارات
وسكتت على منابرها
كل النداءات
وتلاشت في فضائها
الاستغاثات 
فلم تعد رجفة طفل
يعاني قسوة المخيمات
تهز كيان المنظمات
حتى تسيدت الأنانية
  وما تبقَّى من الإنسانيةِ
إلا حروفاً
هي الأُخرى  دخلت في سُبات

وابلغونا الغزاة 
أن لا ننتظر منهم
ما هو آت
وبعد أن نُعتنا بأسوء
المخلوقات 
ما بقى لنا من الكون
سوى الإله
والألم
والموت
والآهات  .
.      Astefan 

  

الخميس، 20 يناير 2022

من مذكرات مراهق

 

         قصة قصيرة 

                     (   من مذكرات مراهق  ) 


رشيقة جميلة ، بعينتان خضراوتان

وبشرة بيضاء وشعر خمري يتهادى على كتفيها   ، لم تتجاوز ال 15 عاماً .

اما هم ، فجميعهم كانوا بعمر المراهَقة الجامِحة. 


     غالباً ما كانوا يتسابقون هو وبقية أقرانه في محلتهم  الشعبية  لنيل ودّها ولو بنظرة أو بابتسامة ، وإذا ما تفضلت عليهم بالكلام ، فذاك فضلٌ عليهم وعظيم .


كانت كالزهرة اليانعه ، وهم كالدبابير التي تتسابق لإمتصاص رحيقها  ،  والوقوف ولو على حافة اهدابها،  للفوز بشهدها.

  

الأحلام والتمنيات لم تتجاوز أكثر مِنْ ، ... مَنْ سَيكْسُب حُبها اويحضى بصداقتها .؟ 


كانت تزيدهم  شغباً  وشقاوةً، باظهار مهاراتهم وشجاعتهم حين تطل  من باب دارها ،في تلك الحارة الضيقة بأبتسامتها المعهودة والتي كانت كاطلاقة آذِنْ بدأ السِّباق في العاب الجري،

كأنها تعلم أن التسابق والتنافس يبدأ بظهورها ، 

فاعجبتها اللعبة ...... 

  

بمحاولة منه للتقرب منها اكثر ،وثَّق علاقته بأخيها الأكبر  فأصبح يدخل بيتهم ليتعلم لعبه الشطرنج منه، اجتهد حتى اتقن اللّعبة، واستطاع أن يهزم معلمه ، فزاد من تنافس اخوها معه لرد الأعتبار ، فكان بالنسبة له نصر عظيم.

  

هُم عائله جنوبية من احدى محافظات الجنوب  ، لا يعلم ما سبب مجيئهم لمحافظته ، لم يجرؤ  ان يسألها خوفاً من احراجها، لأنه كان يعتقد انه من غير العادي أن تنتقل عائلة من الجنوب إلى الشمال مباشرة دون اسباب مُلِحّة ، خاصة انهم من سكنة محافظتهم الجنوبية منذ ولادتها. 

هذه كانت المعلومة ا الوحيدة التي جاءته دون عناء ، أو دون طلب منه .. 


لم يكن له اي ميول سياسية،  لكن بإندفاع غير مدروس ، حاول أن يكسب ثقة العائلة أكثر، لذا ا صبح يميل لأفكارهم السياسية فأخذ يحضر بعض الفعاليات الفنية ضمن منهاجهم السياسي ، حتى اشترك في أحد مسرحياتهم بدور قصير يؤدي فيه شخصية رجل أمن. 

فقرّبوه منهم أكثر . 

ولحسن حظِه وخطِه في آن واحد ، استطاع أن يقنعها بالكتابة  في دفاترها بخطه الجميل عناوين المواضيع  ويشكلها بزخارف جميلة ،  وانتبهت اثناء كتابته ، انه يمتلك اظفر طويل في خنصر يده اليسرى فقط ، فسألته عن السبب فكان جوابه ،  (لفتح علبة السكائر) ، لكني لم أراك تدخن ابداً ، قالت مستغربة .  ..  أجاب : نعم كي لا أُزعِجُكِ بدخان سجائري .. 

أُعجِبت به والأظفر معاً ، مما دعاها فيما بعد للاعتناء باظفره بشكل خاص ، فتهتم بمداعبة خنصره  كلّما  جلسا لوحدهما ،

، لكنه أحتار بسر اهتمامها بخنصره بهذا الشكل الملفت ،حتى تجرأ وسألها عن السبب  فقالت : طريقة اعتناءك باظفرك أعجبتني ، فإعامله كانه اظفري ، فأنا لا أملك أن اعتني باظافري رغم أنني بنت، بسبب قوانين المدرسة التي تمنع إطالة اضافرنا .


تلك كانت  إحدى حِيَلِهِ التي ظن أنها ستميل بها إليه أكثر من البقية. 

نجح في ذلك وتحقق ماكان يصبو له، فتوطدت العلاقة بينهما ، بعد ان ازدادت ثقة عائلتها به ، مما دعاهم لتركهما يذهبان معاً نهاية كل اسبوع سويةً لحضور الفعاليات الفنية  المشاركه فيها دون أي رقابة.


رغم كل تلك الحرية التي جائته كهدية من اخوتيها،  لكنه أحسَّ انه كحارس شخصي لها أكثر منه صديق أو حبيب. 

ولكي يخرج  من ذلك الطوق الذي طالما قيّده  ، طلب منها أن يلتقيا معاً خارج قاعة الفعاليات الفنية ، فوافقت على الفور دون أي تردد ، ولكي تُطَمْئِنْ قلبه أكثر  قالت: في الاسبوع القادم ، أنا من سيطرق الباب عليك  لنتوجه كالعادة إلى موعدنا دون الذهاب الى قاعة الفعاليات .


قهقهته بصوت عالِ، شد انتباه جارته (ام سردار)، التي كانت تنشر غسيل الملابس على سطح منزلها ، ومن شدة  فرحته كاد أن يحتضنها ويضع قبلة على خدها ، لولا (أم سردار ) التي اطلّت من سياج سطح دارها، تصيح باعلى صوتها ( ول سردار وين صرت ؟؟؟) كانها كانت بالمرصاد لكل حركاتهما ، فضبط نفسه قبل أن يخسر جوهرته وتذهب تضحيته هباءً منثورا  . 

ليلة موعدهما ظل حتى الصباح دون أن تغمض له عين.

كيف يغمض له جفن وهو على أول موعد غرام مع زهرته؟ 

  

لا يعلم كم كانت الساعة حين سمع طرقات على الباب وسمع صوتاَ جهوري وأجَش ينادي بإسمه ، كاد أن لاينتبه له بعد أن تداخل صوت الرجل المنادي  باسمه ( سمير يوسف )مع صرير الباب الحديدي الثقيل 

فجائته لكمة  من صاحبه على فخذه وهو يصّك على أسنانه وكأن الجملة خرجت من بين أسنانه  (ولَكْ هذا اسمك) ،  لينتبه من غفلته  

فأجاب بصوت عالِ:  نعم

قال  المنادي : تعال  


وقف أمام  باب مديرية الأمن العامة في بغداد حاملاً حقيبته الحمراء  ، بعد أن كان ضيفاً على مدير الشعبة الأولى المتخصصة بمتابعة الشيوعيين ، ليستقل تكسي تقله  حيث بيته وحارته الذان تركهما منذ ما يقارب الأربعة أشهر . 

جلس في الخلف دون أن ينبس ببنت شفه ،  فتح نافذة التاكسي سانداً ضهره بقوة على مقعد السيارة ، وأخذ شهيقاً عميقاً امتزج بالحسرة والولع . 


اخي وين رايح.....    قال سائق التكسي  

أجاب : . ها.؟؟ ...   كراج العلاوي.. 


ثم تناول علبة سكائره (السومر المُسلفنة ) ليفتحها ، .....  لكن بدون اظفر  ، لا في خنصر يده اليُسرى ، ولا في اليُمنى ، بل خَلَتْ جميع أصابعه من الأظافر في كلتا يديهِ .  .....


   *****