جبرانيات

جبرانيات

السبت، 1 مايو 2021

الرغبة الاخيرة

                                   


                                                قصة قصيرة بعنوان  

 

(الرغبة الأخيرة)

 

 



   من شرفة غرفة نومها في الطابق العلوي التي تطل على بحيرة  فانيرن  vänern وهي من أكبر بحيرات السويد والتي تقع عليها ثلاث مقاطعات ومنها مقاطعة ( دالس لاند)  

كانت أشعة الشمس القريبة من خط الأفق بلونها الأرجواني الممزوج بالأصفر الذهبي تبعث بأمل ليوم آخر دافئ، بعد شهور طويله من الثلوج ومن برد قارص ، الذي تشتهر به الدول الإسكندنافية  .

 . وبفورتها وغضبها اللتان اصبحتا  ُمعتادان في آخر سنتين ، ممسكه بكلتا يديها طرفي روب نومها الحريري ، ضامته الى صدرها كأنها تداري لفحة الهواء البارد القادم من البحيرة ، وبدون اي تردد أو مقدمة ،طلبت منه ان يتركها فوراً .

  لم يعد حبه كما كان ، لم تعد تحس بدفء أحضانه  كما عهدته  بعد أكثر من ثلاثون عاماً من الزواج  ، هي تريده كما يحلو لها ، طوع رغباتها ونزواتها ، كخاتم بإصبعها ،او كخادم  يعمل لديها بأجور يومية ،حتى لو كانت على حساب كرامته ،لا تبالي من ضغوطات العمل ومشقتها عليه ، ولا تعلم  أنه فكّر في ترك عمله بسبب تلك التراكمات من داخل بيته ومحل عمله بسبب تقدمه بالعمر وتراجع صحته  والبقاء بقربها ما تبقى له من عمر ، لكنه كان يخشى أن يعلن بذلك نهاية مأساوية لحياته التي طالما روّض كل المحن لصالحه ،لأجل إسعادها . 

 هي لا تريد أن تشاركه همومه ، أصبحت الأنانية والنرجسية  صفة جديدة من صفاتها السابقة والتي لم يعهدها حتى  قبل سنتين مضت ،  كل ذلك من سوء ظنونها به  فقط  .

 

    بحسرة عميقة وبدون أن ينبس ببنت شفه حمل حقيبته بعد أن أعدُها  بهدوء مانحاً لها فرصةً أُخرى عسى أن تتراجع ،لكن بلا جدوى ..

   غادر نزولاً عند رغبتها التي أضافها لرغباتها السابقة ، والتي لم يمتنع يوماً عن تحقيق إحداها أبداً.

 

********  

 

وهي مستلقية على تلك الأرض الرطبة والمكسوة بأوراق الشجر المتساقطة معلنة عن  بدأ فصل الخريف بعد صيف دافئ لم يعهده السويديون سابقاً ، كأنها في سكراتها الأخيرة حاملة ثقل السماء على صدرها ، وغائصة في اعماق الأرض من تحتها ،لوطأة ثقل جسدها المتهاوي من ضغط الألآم والهُموم، وسواد بؤبؤ عينيها يجول في ذلك الفضاء الشاسع الذي تزينه تلك السماء التي بدأت نجومها بالتلألأ بعد ان غادرتها خيوط الشمس الذهبية التي كانت تخترق تلك الأغصان بومضاتها ،حاملة سعادة العاشقين وهموم المنكوبين والمفجوعين معاً ،لتضيفه ليومهم القادم عند بزوغ فجر يوم جديد.

 

من خلال ذلك الصمت الرهيب الذي لم يقتحمه سوى صوت زقزقة العصافير وهديل الحمام ، لم تشأ ان تشيح بناظرها صوب صوت خشخشة أقدام  تقترب منها بهدوء ،   بعد أن عاشت وحدتها بعيداً عنه ، تراكمت الهموم وازداد العذابات والتي أضافت إلى وهنها وهن ، قد أثقل كاهلها حتى اخذ منها كل تلك الفورة الجبّارة التي كانت تهز بها اركان كل من يحاول ان ينال من كبريائها وجبروتها الذي تربت عليه منذ نعومة ضفائرها .

 

 كانت ساكنة كسكون بحرٍ بعد هيجان ، وهدوء ثورةٍ بركان ،الى أن أحسّت بدفء نَفَسْ يقترب من جبينها وخصلات شعر بيضاء تداعب جفن عينيها  وقبلة دافئة تُطبع على جبهتها قبل أن تسمع همسة ناعمة

 

 لماذا انت مستلقية بهذا الشكل في هذه الغابة ؟.

 

ارادت ان تتدارك وهنها وخضوعها لضعف جسدها المرهق  ، لكنها عبثاً حاولت بعد أن اصبحت حتى دقات قلبها المتباطئة تنبئ بمغادرة  وشيكة للروح  من ذاك الجوف العظمي المكسو بطبقة  رقيقه من الجلد واللحم ،وكصندوق خاوٍ لا لُجٌة فيه غير انفاس تكاد أن تنقطع بين لحظة وأخرى، لم تحرك ساكنا .

  تكرر الصوت الذي تعودت عليه ، ذاك الصوت الرخيم والجميل بأكثر نعومة من الذي كان يداعب مسمعها كل صباح وهو يهمس في اذنها... صباح الخير ..  أُحِبُكِ..  

 

   .أنتِ بحاجة لمساعدة !

 

لا تقوى حتى على إيماءه من رأسها ، كانت الإجابة بإغماض عينيها مع محاولة يائسة لرسم ابتسامه.    حاولت بجهد كبير أن ترسمها على وجهها الشاحب والخالي من اي تفاصيل للجمال  ، بعد أن رأت ذلك الوجه الملاكي الذي اعتادت ان تراه كل يوم ، قبل أن يغادرها كل هذا الزمن ..

لكن دون جدوى.

  كانت تُمَنّي النفس لو استطاعت ان تظُمّه الى صدرها بقوة وتشم تلك الرائحة التي طالما ملأت الأجواء...دولاب ملابسه .. وسادته ... ملاءته ، كرسي مكتبه ، اقلامه ، أوراقه وملفاته المرتبة بشكل ملفت للنظر،  بل كل ركن من أركان البت ، وتذرف ما تبقى من دموع قد تكون قادرة على مغادرة مقلتيها ليغتسلا كلاهما من ترسبات زمن اثقل حبهما بأوهام هدمت صرح حب كان كالجبل الأشم عاصي على عاتيات الزمن، لكنه تهاوى حطما بفعل الشكوك.

 

 لكن هيهات .

 

حملها على ذراعيه محاولاً شد عزمه واستجماع كامل قواه المتبقية بعد تلك الليلة التي غادرها في ذلك اليوم التعيس ، وسار بها على ذلك الطريق المتعرج الكثيف بأشجاره واحراشه متعثراً تارةً بجذور الأشجار وتارةً بأغصان الأحراش، وفي اخرى كادت ان تسقط منه ، لكنه كافح وَهنه وضعفه  وبجهد جهيد اوصلها الى غرفة نومهما المعتادة في ذلك البيت الصيفي الذي اشتراه لها قبل شهر بمناسبة ميلادها الحادي والخمسين ، على طرف تلك الغابة والمُطل على تلك البُحيرة المترامية الأطراف ،وجلس عند رأسها يداعب خصلات شعرها ،كما كان يفعل قبل أكثر من عشرين سنة خلت، حين كانت تمرض أو تتمارض . غلبه النعاس بعد أن بدأ الفجر ينسج خيوطه ويرسلها عبر الاثير إلى شباك غرفة نومها 

 

                 ********

  بتاريخ   21 /يناير كانون الثاني  من ذلك العام كان يوماً توشحت الأرض بلونها الناصع البياض ،متعاطفة مع الحدث الجلل .كانت تتقدم الأقرباء والأصدقاء بكرسيها المتحرك في موكب مهيب لحاملي نعشه إلى مثواه الأخير،  بعد نظرة الوداع الأخير له في كاتدرائية المدينة حيث يوارى الثرى في المقبرة المجاورة للكنيسة   ..

 

كتبت في ..... May /1/2021

 

الثلاثاء، 30 مارس 2021

نهدان

     



بشفتيكِ   سلبتِ عقلي

وقلبي اخذتهِ من بين
أضلعي بالمجان
فما بال نهديكَ المتعجرفان  

إن ارتشفهما بإمتنان

تسكبين من رحيقهما
بين شفَتي مجنون  بحنان
تُذيب روحينا فتمزج
جسدينا بحب
لا يكسره حجر الصوان


في ليل نامت سجاياه
على متن كلينا
فأفاقت بعد أن رحل العمر
وعدنا طفلان
طفلان يلهثان بشغف
حول تلك الحِلمتان
يقطران لبنا ممزوجا بلبان
لايشفيهما من شبعٍ فقط 
بل يغدوان به سكيران
سكيران بحب لم يعرفه
قط عاشقان
مهما دارت الأرض حول افلاكٍ
لا يعرف لهم
لا زمن  ولا مكان 

 
  
 
  

الخميس، 11 مارس 2021

بالمداس !!!

              


                          شعر شعبي

                مهدى لأعضاء حكومة العراق 


مو بس بالمداس  ... بالقنادر روسكم تنداس
ثكيلة محسوبين على البشر
ومحشورين بين ناس
انتوا زبالة ودواكم كنس  بالمكناس
لأن انتوا أولاد شوارع وهذا اصلكم من الأساس
لابيكم شدة ظهر ولابيكم رفعة رأس
يمتة تحسّون ويكون عدكم احساس ؟
يمتة تصير عدكم غيرة
وضميركم يصير حسّاس
اشو لا دولة  ولا كرامة  ولا شرف عدكم
بس بالعمالة واحدكم نبراس
صرتم أخطر من الشيطان
وتوسوسون بصدور الناس
مثل الخناس
حسبناكم اوادم
وللحكم جبناكم
بس طلعتوا حرامية
وبالراس ضربتوا الفاس
للدولة هيبه وينرادلها رجال وماتلوك الكم
وعليكم مو مقاس
اتركوا الكراسي ورجعوا لاسيادكم الانجاس
لأن كافي... مسختوها وما خليتوا شي 
كطعتوا علينا حتى الأنفاس
لا الله راضي عليكم .
ولا حسين ، ولا علي
ولاالعباس..



سأرحل


 


سأرحل بصمت الى حيث السكرات
حاملاً معي أشواقي وهمومي والذكريات
في رحلة غير محسومة العقبات
العودة منها قد تكون محمولاً كرُفات

لا تسألوني لِمَ ....فقد عجز السان عن الكلام
حيث لا محل لرأي أو نصيحة أو ملام
بعد أن زال الذوق والتقدير والاحترام
وبعد أن غادر الحب الأنام

فما بالك أيها الأنسان
فإن شاخت القلوب قبل الأبدان
يصعب القبول  بالمذلة والهوان
وإن كانت من اعز الأصحاب والخلان

فطالما للكرامة مقام لا تعلوها قامات
وبعد أن بذلت كل ما تملكه الذات
وانسلخت المعاني عن الكلمات
فهل للحياة بُدٌّ بعد أن  هان الممات؟  

             *********** 

مناجاة ....



من شخابيطي.... 


                             مناجاة.         

    

        (مدينتي الحبيبة) 


زاركِ البابا حاملاً رسالة سلام

فَجَعَلَنْا نعيش فيك احلاماً 

إثرَ أحلام 

بعد أن ذُبِحَتْ على محراب النوري 

قافيات الإمام 

وهاجر الرُهبان من 

مذابح الأيمان  

  واعدموا الود فيك 

والحُب والوءام

حتى بات لم يعد لكِ 

بين مقام الأُمَمِ مقام

فهل من معين. ؟        

  

  

      ( الحدباء) .        

   

لازال فيكِ ومنكِ الرّجاء 

بعد أن دمروا فيكِ 

كل الأزقة والأحياء

وضاعفوا من شُهدائهك

اضعاف الشُهداء 

لم يتركوا إكراماً للموتى فيكِ 

ولا للأحياء

فهل من معين ؟ 

          

     ( أم الربيعين ).        


لقد شاخ فيك النُّجَباء 

والميامين

ورُفِعَتْ لسماكِ أرواحُ  البؤساء 

والمساكين

و أباح الجُبناء دمكِ 

بأسم رب العالمين

فهل لكِ بين الإنسانية

من معين؟ 


            (نينوى)     

    

الشَّرُ فيك قد احتوى 

ودجلة من دماءك

إرتوى

والكوكب الذُريّ من نجواك

هوى 

والظلام بدجاه على اطلالك 

انطوى

             فهل من معين؟   

      

       (الموصل).    

   

غادر سماك الحمام 

الزاجل

وأمسى الحب بين ضلوعك

ذابل 

وصوت اجراس كنائسك بات

راحل

ومآذنك ما عادت تصدح في

المحافل

فصبرا يا عزيزتي لغيهم نهاية

آجل أم عاجل

ولكن هل من معين؟

          

     ( بين النهرين )               

  

كأميرة  بأكليل الزهور 

ستُزَفّين

ويبقى عطرك منثوراً 

بين البساتين

من ساحلك الأيسر 

إلى ساحل اليمين 

و بين مدن العالم باقية 

أنتِ تزهين

وبنصرك.. على عرش عشتار

ستتربعين

وآلهةً للحرب والحب

ستعودين 

وسيموت بؤس 

كل الحاقدين.

بعد أن سحقتي دولة الإرهاب

والإرهابيين


        لكن السؤال باقٍ. 

        

       هل من مُعينْ ؟؟؟؟..


الأحد، 3 يناير 2021

من أنا..؟؟

 


لأيران....  


    انا العراق 


انا المجد والتاريخ 

والحضارة 

انا سومر وللحرف 

مساره 

انا بابل وللعلم  

نضارة 

انا الحكمة 

وللقانون إشارة 

انا النور 

وسأبقى للعالم 

منارة 

انا الأرض وترابي 

طهارة 

لا تُدَنِّسه أرجل 

حُفاةٍ 

اثقلتها

الحقارة

  انا الوطن 

وشعبي العظيم

اسواره

انا من اذاق الفرس 

سُمَّ الزيارة 


انا بلد الرافدين  

فمن انتِ 

يا أسوء جارة ؟؟


الخميس، 31 ديسمبر 2020

وداعاً يا أحلام ...!

         



                                وداعاً يا أحلام...! 


من خلف شباكي انتظر
اتنفس ضوء القمر
واقول للشمس صباح الخير
واقفز كعصفور مثقل ريشه
بزخات المطر
فأتهاوى كريشة تدحرجت
بثقل الصخر
فاتحسس جيوبي الخاوية
فتنفذ أصابعي
من ثقوب الفقر
ثم أرسم احلامي على غيمة
اثقلتها همومي فرحاً
فزفتها انياب القدر
الى شرفتي المملوءة
بالأماني والزهر
حتى يغدو المساء موحشا
حاملا حفيف الشجر
فاغفوا على طرقات الموت
محمولا على حافات الخطر
حيث لا حب يسعف
ولا حفلات سهر
فتاخذني احلامي بعيدا
حيث لا الخيال ذا نفعٍ
ولا الحقيقة تغتفر
فأعود محمولا بنعش
على اكف البشر
عائداً الى التراب
واللحد والقبر
باسماءٌ محفورة
على الحجر
بنظرةٍ ثم دعوةٍ..
نُوَدَّعْ
ثم بحفنة تراب يتوارى الأثر
فتبقى ذكرانا هي الآتي
من كل ذلك الخبر
فهل يا صاحبي  لذكرانا بقاء
بطول الدّهر ؟
لا ... لا تنتظر ابدا
ما كان بالامس خبراً
واليوم  قد أمسى ذِكَرْ
فكل شيء واقع
إلا الخيال والسِحر.

  ***************

31_12_ 2020